أصدر المركز العربي للثقافة والإعلام ، وهو أول مؤسسة ثقافية إعلامية عربية مرتبطة باتفاقية تعاون رسمية مع جامعة الدول العربية ، بيانا ندد من خلاله ، وبشدة ، بـ “المواقف المتخاذلة والخانعة من اتحادات الكتاب والأدباء والمثقفين تجاه ما جرى ويجري من اضطهاد للحريات في العديد من البلدان العربية” ، مطالبا ، في الوقت نفسه ، “الاتحادات والجمعيات ، والمنظمات ، والأندية والمؤسسات ذات العلاقة بالشأن الثقافي والفكري والإعلامي الوقوف بشجاعة وحزم لإدانة تلك الممارسات القمعية لحرية المواطن العربي”.
وطالب المركز ، عبر بيانه ، بإقامة (المؤتمر الأول للمثقفين والإعلاميين العرب) ، يشارك فيه رموز الأقلام العربية الشريفة والمؤثرة ، ونخبة من الشباب الإعلامي المميز ، وصولا إلى وضع منهجية إعلامية وثقافية جديدة ، وفق جملة من المعايير ، منها: إصدار وثيقة تدين الممارسات القمعية غير الأخلاقية من قبل أجهزة العديد من الحكومات العربية المستبدة ، وضع منهجية إعلامية بالغة الصدق والصراحة والمكاشفة كـ (ميثاق شرف إعلامي مدني) لا سلطوي حكومي ، يحدد أسس العمل التنويري الموضوعي الذي ينحاز – دائما وأبدا – لمصلحة الشعوب العربية ، أفرادا ومجتمعات ، باعتبار أن كل نظام حاكم يجب أن يكون في خدمة الشعب ، والارتقاء بقيم العمل الإعلامي والثقافي عن سلطة الأنظمة الشمولية القائمة على لجم الحقيقة بوسائل الترغيب والترهيب وصولا إلى إعلام يتميز بالموضوعية والشفافية والاستقلال.
كما دعا المركز ، عبر البيان نفسه ، إلى “إعادة البناء الجذري لمنظور الحكومات العربية لدور الثقافة والإعلام من صوت يعبر عن مصالح قيادات ومتنفذي تلك الحكومات إلى صوت للحقيقة يجسد مصالح هذه الشعوب ، من خلال تغيير منهجية هذه الأنظمة التي تعتمد على تسييس الثقافة والإعلام ، والارتقاء بآليتهما إلى تثقيف الساسة المستجيبين للتغيير ، واختيار قيادات تؤمن ببناء عربي جديد ينبثق من روح شابة ، تستهدف النمو الحضاري على إطلاق غاياته ووسائله النبيلة”.
وطالب المركز “مواجهة وحش الفساد المستبد بمقدرات الأمة العربية وثرواتها : مما شل في كثير من جوانبها قدرات الشباب وثروات الأمة التي أعاقت تحقيق أبسط حقوقها في مشاركة الأمم المتطورة التي سبقتها بعقود ، وذلك من أجل اللحاق بالبلدان المتقدمة في مجالات الصناعة والإنجاز التقني والبحثي الخلاق لتنعم بمجتمعات مدنية متقدمة ، تعليميا واجتماعيا واقتصاديا”.
ولفت المركز إلى ضرورة إيمان “قادة الحاضر والمستقبل في عالمنا العربي أن هذا الانفجار الشبابي في منطقتنا وحدها لم يكن نتيجة لثورة تقنيات التواصل الاجتماعي والمعلوماتي المختلفة ، وإنما كانت نتيجة لتلك البراكين الخامدة والمتراكمة من القهر والظلم والفساد التي انفجرت فجأة ، والتي كانت خلاصة ما ورثه هؤلاء الشباب من آبائهم ومجتمعاتهم: ليحدث هذا التغيير الذي أذهل العالم ، وعزز أهمية الاستجابة العاجلة لهذا الانفجار المتلاقح والمتسارع بكل مطالبه وتوثباته ، دون الإغراق في أوهام التبريرات والخصوصيات لكل بلد عن الآخر”.
كما نوه المركز ، كذلك ، إلى أن “الإيمان الكامل بأن سيادة الحكم الشمولي ، وانحسار الديمقراطية ، ولجم الدور الفعال للمجتمع المدني ، والاستماتة في قمع الحريات بكل الوسائل المباشرة وغير المباشرة ، دفعت إلى تفشي ثقافة القطيع في المجتمعات العربية المرغمة على قبول ما هو كائن: ما وسع – وبشراهة – دائرة الاستحواذ على الثروات بكل أشكالها المادية والعينية ، وهمش القدرات البشرية مما سرّع بحالة الانفجار المضيئة للشباب والشعوب العربية عموما”.
ودعا المركز ، عبر بيانه ، العالم العربي – شعوبا وقيادات – إلى استثمار “ما حدث ولأول مرة منذ قرون ، من حالة الانبعاث الحقيقي لمفهوم استعادة قيمة الإنسان العربي كمعطى حضاري ، وذلك من خلال هذه الثورات الشابة التي أذهلت العالم – شرقا وغربا – برؤية جديدة لمعنى الثورات التي لم تحمل سوى عقولها المستنيرة صوتا للتغيير في مواجهة قوى الفساد المزمنة ، والترهيب المستحكم: مما قدم للعالم دروسا في التغيير السلمي الذي جابهه الطغاة بالآلة العسكرية التي جعلت من العربي الجديد منتصرا بشبابه ، واستنارته الباهرة: حتى أصبحت هذه الثورات مصدر إلهام على ألسنة كبار زعماء العالم ومفكريه ، وطاقة متجددة في تعبيراتهم ، يحاولون تصديرها إلى شعوبهم البالغة أقصى درجات التحضر والمدنية ، في أوروبا والصين وأمريكا: وهذا يدفعنا إلى أقصى درجات الاستثمار لهذه اللحظة الفاصلة والمفصلية في تاريخ الأمة العربية”.